إذا ثبت هذا فالتولية من جهتهم على وجوه :
الأول : أن يظهر أنهم على حق في تصرفاتهم فهذا لا يجوز ، ولعل ذاك وفاق ، وهكذا إذا كان لا يتمكن من التولية منهم إلا بمعاونتهم على المحظور أو بتكثير سوادهم.
الثاني : أن يكون ذلك خاليا عن هذا ، وكان ما طلب التولية فيه قطعيا فهذا جائز بل واجب.
الثالث : أن يكون الأمر خلافيا ، ولكن أراد المتولي أن يقطع الخلاف بالتولية حيث يكون قاضيا أو أراد التصرف بالولاية في مال اليتيم ونحو ذلك.
فإن قلنا : إن لمن صلح لشيء فعلي جاز له التصرف بما معه من الولاية لا أنه استفاد ذلك بتولية الظالم ، لكنه يكون عاصيا بطلب الولاية ، ومن جوز التولية منهم أباح له ذلك واستفاد التصرف ، وصحة الحكم بتوليتهم هذا حكم.
قال جار الله : وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رحم الله أخي يوسف لو لم يقل : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) لاستعمله من ساعته ، لكنه أخر ذلك سنة».
الحكم الثاني : جواز تزكية النفس إذا كان يترتب عليه مصلحة ؛ لأن يوسف عليهالسلام قال : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) ، وإنما الممنوع أن يقول ذلك على وجه الافتخار والتطاول ، وقد صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا سيد ولد آدم ولا فخر».
الحكم الثالث : أن المتولي للأمور لا بد أن يكون أمينا ، فتولية الخائن لا تجوز ، ولا بد أن يكون عليما فيما يتصرف فيه ، فإن كان عاملا عرف من الفقه ما يأخذ منه وقدر المأخوذ ، وكذلك يعرف في كل ولاية ما يتصرف فيه.
وقد فسر قول يوسف : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) بأن لا أصرف المال إلا في موضعه.