وقيل : أراد بقوله : (يُلْقُونَ السَّمْعَ) المراد : أولياء الشياطين وهم الكهنة ، كشق ، وسطيح ، بمعنى : أنهم يصيخون إلى قولهم ، وأكثر الملقى عليهم كذب ، يعني : على الشياطين.
وقيل : الملقون هم الكهنة يلقون المسموع على الناس ، وأكثرهم كاذبون.
وقوله : (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) فجعل المتنزل عليه أفاكا.
قيل : وأراد بهذا الكهنة كشق وسطيح. والمتنبئة كمسيلمة ، وطليحة بن خويلد (١).
فيستثمر من هذا : تحريم الكهانة ؛ لأن ذلك استناد إلى كلام الشياطين ، وتحريم قول الكاهن ؛ لأنه رجوع إلى ما أكثره كذب.
وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أتى كاهنا أو عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد» ولعل تأويل الكفر إن صدقه على مخالفة ما علم من الشريعة ، وكانت الجاهلية تعول على الكهانة قبل النبوة ، فلما ولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حرست السماء بالشهب.
سؤال أورده الحاكم
إن قيل : قد منعوا من استراق السمع قال تعالى : (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) [الشعراء : ٢١٢]؟
أجاب : بأنهم قد منعوا من القرآن ، فيجوز أن يسمعوا كلاما آخر.
وقيل : التقدير كانوا يلقون السمع يعني : قبل أن يمنعوا منه ، وإذا كانت الكهانة محرمة حرمت الأجرة عليها ، ويكون الحكم بها باطلا.
__________________
(١) طليحة أسلم وحسن إسلامه تمت.