قيل : أراد بهؤلاء الشعراء من كان يهجو رسول الله كشعراء قريش وهم عبد الله بن الزبعرى ، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ، ومسافع بن عبد مناف ، وأبو عزة الجمحي ، ومن ثقيف أمية بن أبي الصلت ، كانوا يهجونه ، ويجتمع إليهم الأعراب من قومهم.
وكذا من شعر بالهجاء ، وتمزيق الأعراض ، والقدح في الأنساب ، والتشبيب بالحرم والغزل ، ومدح من لا يستحق المدح.
وقوله : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)
هذا استثناء للمؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله ، وتلاوة القرآن ، وكان ذلك أغلب عليهم من الشعر ، وإن قالوا شعرا فهو في توحيد الله تعالى ، والثناء عليه ، والحكمة ، والموعظة ، والزهد ، والآداب الحسنة ، ومدح رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والصحابة ، وصلحاء الأمة ، وإن صدر منهم هجو فعلى سبيل الانتصار لسبيل الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولهم ممن يهجوهم.
وقيل : أراد بالمستثنيين : عبد الله بن رواحة ، وحسان بن ثابت ، والكعبين ، كعب بن مالك ، وكعب بن زهير ؛ لأنهم كانوا ينافحون (١) عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هجاء قريش.
وروي أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لكعب بن مالك : «اهجهم ، فو الذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من النبل» وقال لحسان : «قل وروح القدس معك».
ثمرة ذلك :
أن الشعر ينقسم : إلى محظور ، ومكروه ، وواجب ، ومندوب ، ومباح ، كما ينقسم الكلام.
وقد روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما روته عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : سئل
__________________
(١) أي يكافحون تمت.