وعن القاضي حسين من أصحاب الشافعي قال : نظر بعض الأنبياء صلوات الله عليهم إلى قومه يوما فاستكثرهم وأعجبوه ، فمات منهم من ساعته سبعون ألفا ، فأوحى الله إليه أنك عنتهم ، ولو أنك إذا عنتهم حصنتهم لم يهلكوا. قال : وبأي شيء أحصنهم ، فأوحى الله إليه أن يقول : حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدا ، ورفعت عنكم السوء بلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وكان القاضي حسين إذا نظر إلى أصحابه وأعجبه سمتهم حصّنهم بهذا.
واختلف من أثبت المضرة الحاصلة بالعين على ثلاثة أقوال رواها الحاكم :
فمنهم من قال : يخرج من عين العائن شعاع يتصل بمن رآه فيؤثر فيه تأثير السم ، وضعفه الحاكم ، قال : لأنه لو كان كذلك لما اختص ببعض الأشياء دون بعض ، ولأن الجواهر متماثلة فلا تؤثر بعضها في بعض.
ومنهم من قال : هو فعل العائن ، قال : وهذا لا يصح ؛ لأن الجسم لا يفعل في جسم آخر شيئا إلا بمماسة يعني أو ما في حكمها من الاعتمادات ، ولأنه لو كان فعله وقف على اختياره.
ومنهم من قال : إنه فعل الله تعالى أجرى العادة بذلك لضرب من المصلحة ، وصحح هذا الحاكم ، وهو الذي ذكره الزمخشري ، والأمير الحسين ، وهو قول القاضي ، وأبي هاشم ، ذكره عنهما في التهذيب ، وقد انطوى ما ذكرنا على ماهية العين والخلاف في ذلك ، وما ينبغي للعائن أن يفعله ويقوله ، ونفي الكلام في الضمان.
وقد قال بعض المفرعين للمذهب : أنه يضمن ويقاد لأنه مباشر ، وهذا محتمل لأنه كالسحر.