جواب هذا مذكور في الكشاف قال : الإنسان مجبول على الحزن ، وقد بكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ولده إبراهيم ، وقال : «القلب يحزن ، والعين تدمع ، ولا نقول ما يغضب الرب ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون» ، وإنما الحزن المذموم ما يقع من الصياح ، والنياحة ، ولطم الوجه ، والصدر ، وتمزيق الثياب ، ولما بكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على بعض أولاد بناته وهو يجود بنفسه فقيل : نهيتنا عن البكاء؟ فقال : «ما نهيتكم عن البكاء ، وإنما نهيتكم عن صوتين أحمقين ، صوت عند الفرح وصوت عند الترح».
ولما بكى الحسن على ولد أو غيره فقيل له في ذلك؟ فقال : ما رأيت الله جعل الحزن عارا على يعقوب : فهذا حكم.
البحث الثاني : أن يقال : العلماء قد شرطوا في الأئمة سلامة الحواس التي يقع النقصان بها ، كالعمى والصم والخرس ، والنبوة أبلغ من ذلك ، فكيف كان نبيا مع العمى؟
جواب ذلك والله أعلم : أن يقال إنه لم يذهب بصره بالكلية ، فحدة البصر غير شرط وإن ذهب بالكلية فلعله كان راجيا لعود بصره.
وقيل : هذا شرط قبل التبليغ لا بعده ، فلا يكون العمى ولا العاهات بعد التبليغ قدحا في النبوة.
وقد ذكر العلماء : أنه إذا عرضت للإمام علة يرجى زوالها لم تبطل إمامته ، وإن كان زوالها لا يرجى بطلت إمامته ، وهكذا الحسن.
فإن زالت العلة بعد الإياس ، أو أطلق من الحبس المأيوس وقد دعا إمام آخر : فعند زيد بن علي ، والنفس الزكية ، وأبي عبد الله الداعي ، والمؤيد بالله ، وأبي طالب ، والمعتزلة ، والفقهاء : أن الثاني أحق بالإمامة ؛ لأن إمامة الأول المأيوس قد بطلت.