ولهذا نظير من القياس ، وهو التزوج بالأمة لعدم السبيل إلى الحرة ، فإنه إذا وجد السبيل لم يبطل نكاح الأمة.
وعند القاسم والناصر أن يسلم المفضول للأفضل ، وكذا عندهما أنه إذا دعا إمام ، ثم وجد أفضل منه لزمه التسليم.
قال الناصر : فإن امتنع كان فاسقا ؛ لأنه يعرف أن غرضه الدنيا.
وهاهنا بحث قد دق على عدة من أهل الأنظار : وهو أن يقال : إلى من يرجع الإياس هل إلى اعتقاد الأول أو إلى اعتقاد الثاني ، أو إلى أهل المعرفة بالأحوال ، أو يكون كل أحد متعبدا بظنه؟
والجواب عن هذا أن يقال : إذا تكاملت شروط الإمامة في الثاني رجح ما عنده مما يتعلق بالاجتهاد والتدبير ، ومثل هذا مما يقلد فيه.
قيل : في هذا نظر ؛ لأن اليأس شرط في صحة إمامته ، فلا يصح تقليده فيه ، كالعدالة والعلم وغيرهما ، فالمرجع بالإياس إلى ظنه لا إلى العلم ، ولا طريق إلى ظنه إلا بقوله.
وثمّ جواب آخر وهو أن يقال : يرجع في العلة هل هي مما يرجى زوالها أم لا إلى الأطباء الثقات ، ويرجع في الحبس إلى العادة ، والنظر في علة الحبس وسببه ، فإن كان سبب الحبس باقيا نحو أن يحبس لدعواه الإمامة فهذا كالمأيوس ، وإن كان السبب يمكن زواله كدفع مال أو تسليم معقل يتمكن المحبوس من تسليمه فهذا مرجو فلا تبطل معه الإمامة.
وجواب ثالث وهو أن يقال : إذا عقد للثاني خمسة فعقدهم كالحكم بالإياس وهذا حكم ثان ، فظهر من هذا البحث تتمة لما ذكر من هذه الجملة.
إن قيل : كيف اشتد الحزن مع يعقوب وكان يمكن يوسف زواله بشرح خبره ، وخصوصا مع قرب الديار وتطاول الأزمان ، وكيف استجاز عدم البذل لوسعه في قطع حزن أبيه بتحقيق خبره وشأنه؟