قال الغزالي : والصبر عن المعصية أفضلها.
وروي في المنتخب من الأحياء عن ابن عباس أن الصبر على ثلاثة أوجه : صبر على أداء فرائض الله فله ثلاثمائة درجة.
وصبر عن محارم الله وله ستمائة درجة.
وصبر على المصيبة عند الصدمة الأولى : فله تسعمائة درجة.
واعلم أن الصبر من أعظم ما تظاهرت به الآيات والأخبار ، وقد ذكره الله تعالى في كتابه الكريم في نيف وسبعين موضعا ، وتكاثرت فيه الأخبار.
وفي الحديث أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم سئل ما الإيمان؟ فقال : «الصبر» وهو يشبه قوله عليهالسلام : «الحج عرفات» وهو ينقسم إلى صبر على الطاعة ، وعلى المصيبة ، وعن المحرمات.
وقال بعض العارفين : أهل الصبر على ثلاث مقامات :
أولها : ترك الشكوى ، وهذه درجة التائبين.
والثانية : الرضا بالمقدور ، وهذه درجة الزاهدين.
والثالثة : المحبة لما يصنع به مولاه ، وهذه درجة الصديقين.
وهاهنا دقيقة : وهي أن يقال : بما ذا تنال درجة الصابرين في المصائب وليس الأمر إلى اختياره ، فإن كان المرجع بذلك أن لا يكره المصيبة فذلك غير داخل في اختياره؟
وأجاب الغزالي : بأنه إنما يخرج عن مقام الصابرين بالجزع من نحو شق الجيب ، وضرب الخد ، والمبالغة في الشكوى ، وإظهار الكراهة ، فينبغي أن تجتنب جميعها ، ويظهر الرضاء بقضاء الله ، ولا يظهر الكآبة ، ولا يغير حاله في مطعم ولا ملبس ، وهذه داخلة تحت مقدوره.
وقوله تعالى : (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) لأن كل عمل يقع على وجوه ، فعلى المكلف أن ينوي بها ما كان حسنا عند الله ، وإلّا لم يستحق به ثوابا.