واحتياطاً في بعض الأحيان لا استصحاباً وبانياً على البقاء (ومن المعلوم) أن مجرد كون العمل على طبق الحالة السابقة بملاك الوثوق والاطمئنان بالبقاء مما لا يخرجه عن الاستصحاب وإن خرج عنه إذا كان بملاك الرجاء والاحتياط (ودعوى) انه قد يكون بملاك الظن النوعيّ ممنوعة جدا إذ مرجعه إلى العمل بالحالة السابقة في مورد عدم حصول الظن الشخصي تعبداً وقد عرفت حال التعبد (وأشد منها منعاً) دعوى أنه قد يكون بملاك الغفلة فإنها في الحيوانات ممنوعة قطعاً فضلا عن الإنسان ولو أحياناً بل يكون ذلك ارتكازياً فطرياً وإن لم تمتع الغفلة عقلا.
(وبالجملة) ان مجرد وجود الشيء في السابق وتحققه فيه وان كان موجباً للظن بالبقاء ولو نوعاً وبه يكون الاستصحاب أمارة ظنية كما هو الشأن في ساير الأمارات المفيدة للظن ولو نوعاً ولكن عمل العقلاء على طبق الحالة السابقة واستصحابهم إياها مقصور بما إذا حصل منها الوثوق والاطمئنان شخصاً كما هو الحال في خبر الثقة على ما تقدم لك شرحه مبسوطاً فما لم يحصل لهم الوثوق والاطمئنان من خبر الثقة لم يعملوا على طبقه ولم يتحركوا على وفقه إلا رجاء واحتياطاً في بعض الأحيان لا عملا بخبر الثقة واعتماداً عليه وان كانت الأخبار الواردة من الشرع مما توسع الدائرة في كلا المقامين فتجعل خبر الثقة والاستصحاب حجتين مطلقا ولو لم يفيدا الوثوق والاطمئنان شخصاً وقد تقدم شرح هذا كله في صدر المسألة عند بيان كون الاستصحاب أمارة لا أصلا فتذكر.
(قوله وثانيا سلمنا ذلك لكنه لم يعلم أن الشارع به راض وهو عنده ماض ويكفى في الردع عن مثله ما دل من الكتاب والسنة على النهي عن اتباع غير العلم ... إلخ)
(ومن العجيب جداً) أنه في خبر الواحد قد ادعى أن الآيات الناهية والروايات المانعة عن اتباع غير العلم مما لا تكفي في الردع عن السيرة العقلائية المستقرة على العمل بخبر الثقة بزعم أن رادعيتهما دورية وفي المقام قد غفل عن الدور رأساً ولعله