ثم ان التعارض ان كان بمعنى التنافي ، تعين تعريفه بما عن المشهور ، ولكن الظاهر انه اخص منه فانه من باب العرض بمعنى الاظهار ، ومنه عرض المتاع للبيع ، فيكون التعارض بمعنى اظهار كل من المتعارضين نفسه في مقابل الآخر ، ولذا لو قام خبر عدل على وجوب شيء ، وخبر فاسق على عدم وجوبه ، لا يكون من باب التعارض فان خبر الفاسق غير الحجة لا يظهر نفسه ، في مقابل خبر العادل ، وعليه : فالتعارض هو تنافي الدليلين في مقام الدلالة فالحق مع المحقق الخراساني.
المورد الثاني : التعارض بين الدليلين قد يكون لعدم إمكان اجتماع مدلوليهما ، كما إذا دل أحدهما على وجوب شيء والآخر على عدم وجوبه ، وقد يكون لأجل العلم الخارجي بعدم ثبوت مدلوليها ، كما لو دل خبر على وجوب صلاة الجمعة والآخر على وجوب الظهر ، فانه لا تنافي بين المدلولين إلا بواسطة العلم بعدم وجوبهما معا في يوم الجمعة وبواسطة هذا العلم يقع التعارض بين الدليلين وكل منهما بمدلوله الالتزامي ينفي الآخر ، ويظهر نفسه في مقابل الآخر.
المورد الثالث : قد ذكر المحقق النائيني (ره) (١) شرطين آخرين لصدق عنوان التعارض.
أحدهما : كون كل من الدليلين حجة في نفسه فلو كان أحدهما حجة دون الآخر واشتبه الحجة باللاحجة لم يكن ذلك من باب التعارض.
__________________
(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٧٠٢ ـ ٧٠٣ بتصرف.