الإحراز لا يكون حجة لوصول الواقع ، بل تدور مدار احتمال وجودها ، وان شئت قلت : ان المقتضى والملاك لجعل الحجية ، التحفظ على المصلحة الواقعية المتوقف على احتمال وجودها ، وحيث انه في كل خبر يحتمل ذلك فالمقتضى للجعل في كل منهما موجود.
الثاني : ما أفاده الأستاذ (١) : وهو ان لازم حجيتهما معا جعل العلمين بشيئين متنافيين أو متناقضين ، وهو محال ، إذ لازم جعل العلم بالوجوب مثلا ، العلم بعدم الحرمة ، ومع جعل العلم بها ، يلزم جعل العلم بها وعدم العلم بها وهو محال.
وفيه : ان جعل ما ليس بعلم علما جعل اعتباري فلا تمانع ولا تدافع بين العلمين المجعولين : لان الاعتبار خفيف المئونة.
نعم تقع المضادة بينهما بواسطة المنتهى أي لزوم حركة العبد على طبق ما ادت إليه الحجة وستعرف توضيحه.
فالصحيح في الإيراد عليه ان يقال ان التعبد بهما مع حجية ظهور كل منهما مستلزم لتنجيز الواقع مع العذر عنه ، فيما إذا كان أحدهما متضمنا للوجوب والآخر لعدمه ، ولتنجيز الحكمين المتنافيين ، فيما إذا تضمن أحدهما وجوب شيء والآخر حرمته ، ولازمه العقاب على كلا التقديرين ، سواء أفعل أم لم يفعل ، وهو كما ترى.
ومع إلغاء ظهورهما والحكم بالاجمال ، مستلزم للالتزام بجعل الحجية مع
__________________
(١) وهو ظاهر كلام آية الله السيد الخوئي في دراسات في علم الأصول ج ٤ ص ٣٤٩.