عدم اكرام زيد وعمرو مثلا معا ، ودار الأمر بين ان يكونا خارجين عنه رأسا فلا يجب اكرامهما أصلاً ، وبين ان يقيد اطلاقه الاحوالي بالنسبة إلى كل منهما فيجب اكرام كل منهما عند ترك اكرام الآخر ، ومن المعلوم ان المتعين هو الثاني : لان الضرورات تتقدر بقدرها فالمقدار المعلوم خروجه عن تحت العام ، هو عدم وجوب اكرامهما معا ، واما الزائد عن ذلك ، فمقتضى عموم العام هو لزوم اكرام كل منهما منفردا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم ان المدعى جريان القسم الثالث في المقام دون الاولين ، بتقريب : ان مقتضى إطلاق أدلة حجية الخبر حجية كل منهما مطلقا ، ووجوب العمل به سواء عمل بالآخر ، أم لم يعمل به ، وقد علمنا من جهة ما تقدم من امتناع حجيتهما معا ، انه لم يجعل الشارع الحجية لهما مطلقا ، فيدور الأمر بين ان يسقطا عن الحجية رأسا ، وبين ان يقيد حجية كل منهما بعدم العمل بالآخر فتثبت الحجية تخييرا ، وقد عرفت ان المتعين هو الثاني : ولعل مراد المحقق الخراساني من حجية أحدهما بلا عنوان ذلك.
وقد أورد عليه بإيرادات :
الأول : انه حيث يستحيل الإطلاق في المقام فيستحيل التقييد : إذ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة ، فإذا لم يمكن الإطلاق ثبوتا كيف يمكن التقييد في مقام الإثبات (١).
وفيه : انه في موارد العدم والملكة امتناع أحدهما لا يستلزم امتناع الآخر ،
__________________
(١) هذا الايراد بحسب الظاهر للمحقق النائيني في فوائد الاصول ج ١ ص ١٤٦.