المتحقق في نفي الثالث.
ثم ان المحقق النائيني (ره) (١) ، استثنى من ذلك ما لو كان التعارض بينهما ناشئا عن العلم الخارجي بكذب أحدهما ، ولم يكن التعارض ذاتيا ، كما في الخبرين الدال أحدهما على وجوب الجمعة والآخر على وجوب الظهر ، من جهة ان كلا من الخبرين ليس له دلالة التزامية على عدم وجوب غير المؤدى.
ويرد عليه ان الدلالة الالتزامية كما تكون تابعة للدلالة المطابقية وجودا تابعة لها حجية ، مثلا لو اخبر زيد بفري اوداج عمرو ، فيدل خبره بالدلالة الالتزامية على موته ، أو اخبر باصابة البول ببدنه ، فيدل على نجاسة بدنه بالدلالة الالتزامية فلو علمنا من الخارج خطاء المخبر في المؤدى ، ولكن احتمل موته في المثال الأول ، ونجاسة بدنه في المثال الثاني لسبب آخر ، فهل يتوهم احد ان يكون الخبران ساقطين في مؤداهما عن الحجية واما في مدلولهما الالتزامي فيؤخذ بهما ويحكم بالموت والنجاسة.
والسر في ذلك ان المدلول الالتزامي ليس هو الموت والنجاسة بقول مطلق ، بل الحصة الخاصة من كل منهما الملازمة للمؤدى ، ففي المثال الأول المخبر عنه بالدلالة الالتزامية الموت المستند إلى فري الاوداج لا مطلقه.
وعليه ، ففي المقام لو كان مفاد احد المتعارضين وجوب شيء ومفاد الآخر حرمته يكون المدلول الالتزامي للاول ، عدم الاباحة الملازم للوجوب ، والمدلول الالتزامي للآخر عدم الاباحة الملازم للحرمة ، فكما انه لا يمكن اجتماع
__________________
(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٧٥٧.