وفيه : أولا : ان هذا لو تم فإنما هو على مسلك من يرى الترتيب بين المرجحات ، واما من كان مثل المحقق الخراساني ويرى انه لا ترتيب ، بينها ، ففرض التساوى كثير ، كما لو فرضنا ان أحدهما مشهور والآخر مخالف للعامة ، أو موافق للكتاب ، وهكذا فمثل المحقق الخراساني (١) لا حق له ان يعترض بذلك.
وثانيا : ان استكشاف كون احد الخبرين مشهورا ، أو مخالفا للعامة ، أو كون راويه واجدا للصفات في هذا الزمان سهل ، ولم يكن كذلك في أول الأمر لتشتت الرواة والفقهاء ، وعدم الوسائل التي يظهر بواسطتها فتاويهم واقوال العامة كانت مختلفة ، وتشخيص صفات الرواة كان صعبا.
لا يقال ان المرجح واقع الشهرة ومخالفة العامة ، لاما استكشفه المكلف.
فانه يقال المكلف موظف بالترجيح بما ظهر له ومع عدمه أي عدم تشخيص وجود المرجح وظيفته التخيير فتدبر.
السابع : ما في الكفاية (٢) ان مخالفة الكتاب ، وموافقة العامة ليستا من المرجحات ، بل من مميزات الحجة عن اللاحجة : لان ما خالف الكتاب بنفسه ليس بحجة ، لما دل من النصوص على انه باطل ، زخرف ، لم نقله ، وكذا الخبر الموافق للقوم ، لان أصالة عدم صدوره تقية بملاحظة الخبر المخالف لهم ، مع
__________________
(١) راجع كفاية الأصول ص ٤٥٣ ـ ٤٥٤ قوله : «انه لاوجه لمراعاة الترتيب بين المرجحات لو قيل بالتعدي ... الخ».
(٢) كفاية الأصول ص ٤٤٤ ـ ٤٤٥.