ولكن يرد على الشيخ (ره) انه بعد فرض عدم ارادة لا ريب فيه من جميع الجهات ، يدور الأمر بين ارادة لا ريب فيه بقول مطلق من حيث الصدور ، فلا يتعدى إلا إلى ما يوجب الاطمئنان بالصدور ، وبين ارادة لا ريب فيه بقول مطلق من جهة من الجهات بلا دخل لجهة الصدور في ذلك ، ولازمه التعدي إلى كل ما كان الاحتمال فيه اقل من الآخر ، ولو لم ندع ظهوره في الأول من جهة خصوصية المورد ومناسبة الحكم والموضوع ، فلا اقل من الاجمال وعدم ظهوره في الثاني فلا وجه للتعدى فتدبر فانه دقيق.
الوجه الثالث : تعليله (ع) لتقديم الخبر المخالف للعامة ، بان الرشد في خلافهم. فانه يدل على لزوم تقديم كل خبر اقرب إلى الواقع ، وذلك لأنه لا ريب في ان كل ما خالف العامة لا يكون موافقا للواقع ، وكل ما وافقهم لا يكون باطلا ضرورة ان الأحكام المتفق عليها بين الفريقين كثيرة وهي موافقة للواقع.
بل المراد ان ما خالفهم اقرب إلى الواقع من الموافق واحتمال الرشد فيه أقوى ، فيتعدى إلى كل ما فيه أمارة الرشد ويكون اقرب إلى الواقع.
وأجاب عنه المحقق الخراساني (١) بجوابين :
أحدهما : انه يحتمل ان يكون الرشد في نفس المخالفة لحسنها.
وفيه : ما تقدم في ذيل نصوص الترجيح من ان الظاهر من الروايات ان الترجيح بمخالفة العامة ، إنما هو من جهة غلبة مخالفة احكامهم للواقع لا لحسن
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٤٤٧. (الثالث).