وان شئت قلت ان العام المنافي يعارضه الخاص والعام الآخر في مرتبة واحدة ، والخاص يقدم عليه لكونه نصا ، ويعمل قواعد التعارض في العام مع العام الذي يكون معارضا له ، فان كان ذلك العام ارجح يقدم عليه ، ويطرح ذلك ولا محذور في مثل هذا الطرح.
واستدل المحقق النائيني (١) لانقلاب النسبة في هذه الصورة : بان ملاحظة النسبة بين الأدلة إنما هي لأجل تشخيص كونها متعارضة أو غير متعارضة وقد تقدم ان تعارض الأدلة إنما هو لأجل حكايتها وكشفها عما لا يمكن جعله وتشريعه لتضاد مؤدياتها ، فالتعارض بين الأدلة إنما يكون بمقدار كشفها وحكايتها عن المراد النفس الامري ، ومن الواضح ان تخصيص العام يقتضي تضييق دائرة كشفه وحكايته : لان التخصيص يكشف لا محالة عن عدم كون عنوان العام تمام المراد ، بل المراد هو ما وراء الخاص ، لان دليل الخاص لو لم يكشف عن ذلك يلزم لغوية التعبد به وسقوطه عن الحجية فلازم حجية دليل المخصص هو سقوط دليل العام عن الحجية في تمام المدلول وقصر دائرة حجيته بما عدا المخصص.
وحينئذٍ لا معنى لجعل العام بعمومه طرف النسبة لان النسبة إنما تلاحظ بين الحجتين ، فالذي يكون طرف النسبة هو الباقي تحت العام الذي يكون العام حجة فيه ، فلو خصص احد العامين من وجه بمخصص متصل أو منفصل يسقط عن الحجية في تمام المدلول ويكون حجة فيما عدا عنوان الخاص فيلاحظ
__________________
(١) فوائد الأصول للنائيني ج ٤ ص ٧٤٧.