قال : فأقام موسی ثلاث سنين يُبكر كلّ يوم إلى باب المتوكّل ، فيقال له : قَدْ تشاغل اليوم ، فيروح ويُبكر ، فيقال له : قَدْ سكر ، فيُبكر ، فيقال له : قَدْ شرب دواء. فما زال على هذا ثلاث سنين حَتَّى قُتل المتوكّل ، ولم يجتمع معه على الشراب) (١).
وأنت خبير بأن هذا الخبر دال على قدحه بما هو مخرج عن العدالة ، غير أنه معارض بما رواه في الكافي من الحديث المتضمّن لإشهاد الجواد عليهالسلام ابنه موسى على نسخة وصيَّته ، وقد صرّح عليهالسلام فيها بأنه مستقل في التولية على جملة موقوفات أبيه عليهالسلام من غير مشاركة أحد ، ومن المعلوم أن تولية الأوقاف من قبل الإمام من أقوى شواهد العدالة في حق المتولّي (٢).
وما رواه الشيخ الحسن بن علي بن شعبة في (تحف العقول) : عن موسی بن محمّد بن الرضا عليهالسلام ، عن أخيه أبي الحسن الثالث عليهالسلام حين سأله يحيى بن أكثُمَّ عن مسائل ، فسأل عنها أخاه عليهالسلام ، وعبارة الحديث : «فجئت إلى علي بن محمّد ، فدار بيني وبينه من المواعظ ما حملني وبصّرني طاعته ، فقلت له : جُعلت فداك إن ابن أكثُمَّ كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها ، فضحك عليهالسلام ثُمَّ قال : وهل افتيته؟ قلت : لا ، قال : ولِمَ؟ قلت : لم أعرفها ، فقال عليهالسلام : وما هي؟ قلت : کتب يسألني عن كيت وكيت ... إلى أخر الحديث بطوله» (٣).
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ٣٠٧.
(٢) ينظر الكافي ١ : ٢٣٥ ح ٣.
(٣) تحف العقول : ٤٧٦ مع إيراد تمام المسائل.