تلك العلوم تحصيل المال والجاه والاعتبار الدنيوي ، ونهاية ذوي الهمم من أهل هذه الطبقة هي الشهرة وخفق النّعال ، ولا يرومون الوصول إلى ما فوق ذلك ، (وهؤلاء) هم المعنيون بما ورد في الكافي عن أبي عبد الله عليهالسلام : «إياكم وهؤلاء الرؤساء الَّذين يترأسون ، فوالله ما خفقت النعال خلف رجل إلا هلك وأهلك» (١).
وفيه أيضاً بإسناده عن جويرية بن مسهر ، قال : اشتددت خلف أمير المؤمنين عليهالسلام فقال لي : «يا جويرية ، إنّه لم يهلك هؤلاء الحمقى إلا بخفق النّعال خلفهم» (٢).
والخفق : صوت النعل ، أمّا هلاکه ؛ فلأنه يورث الفخر ، والعجب ، والتكبُّر وغيرها من المهلكات ، وأمّا إهلاکه ، فإنَّ الرئيس المقدّم والأمير المعظّم إذا ضلّ عن العدل ، وعدل عن الطريق تبعه كافة العوام ؛ خوفاً من بطشه ، وطمعاً في جاهه وماله ، فضلّوا بمتابعته ، وأضلّهم عن سبيل الرشد بسيرته القبيحة.
(هذا) إذا كان الرئيس جاهلاً ظاهراً ، وكذا إذا كان عالماً غير عادل ؛ فإنَّه كثيراً ما تعتريه شبهة ، وتعترضه زلة ، فيضلّ بها عوام المؤمنين ، فإنَّهم يقلّدونه في ظاهر أحواله ، ويعتمدون عليه في أقواله ، بل ربّما يقولون في أنفسهم : إذا فعل هو هذا ، فنحن أولى به منه ، كما قيل :
إذا كان ربُّ البيتِ بالطَّبلِ مُولَعاً |
|
فشيمةُ أهلِ البيتِ كُلِّهم الرَّقصُ |
(ومن ثَمّ) قال النبي صلىاللهعليهوآله : «أخاف على اُمَّتي زلة عالم» (٣).
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢٩٧ ح ٣.
(٢) الکافي ٨ : ٢٤١ ح ٣٣١.
(٣) شرح اُصول الكافي ٩ : ٣٠١.