والمعاد ، وهذه الأفعال والأعمال إن كانت راجعة إلى مشاركة جماعة في المنزل فيقال له : علم تدبير المنزل.
أو في البلد فعلم السياسة ، وإن لم تكن راجعة لمشاركة أحد ، بل كان باعتبار الانفراد من حيث ينبغي أن يفعل أو لا يفعل ، فهو علم تهذيب الأخلاق ، والمقصود في المقام الإشارة إلى الأخير أعني علم تهذيب الأخلاق.
فنقول : إنَّ الفضائل والرذائل عبارة عن الهيئات الحاصلة في جوهر الذات من مزاولة الأعمال المولّدة للأخلاق الحميدة والذميمة ، وكما أنَّ الفضائل لا محال تؤدّي إلى صلاح المعاد والمعاش كذلك الرذائل تؤدّي إلى فسادهما ، فلا بدَّ من تدبير يوجب كون الهيئات المرتسمة في النفس كلها منشئاً للفضائل والتخلّي عن الرذائل ، وهو تدبیر صنعة تهذيب الأخلاق ، وأن الخُلق ملكة نفسانية تقتضي سهولة صدور الأفعال من النفس بحيث لا يحتاج إلى فكر ورويَّة ، وأنَّ الخُلق على قسمين : طبيعي وعادي.
أمّا الطبيعي : فكمقتضيات أصل المزاج من حركة القوَّة الغضبية بأدنی سبب ، والجزع من أسهل الأسباب ، والجبن من الموهمات ، والإفراط في الضحك أو البكاء بسبب ضعيف ... وأمثال ذلك.
وأمّا العادي : فكما أنَّ الإنسان في ابتداء الأمر يعمل عملاً بفكر ورويَّة ومن كثرة التكرار والتمرُّن يعتاده حَتَّى لا يحتاج إلى فكر ورؤيَّة ، وما ذكرناه من انقسام الخُلق على هذين القسمين هو مذهب المحقّقين من الحكماء ، وبعض غلب عليه البطالة ، وثقل عليه مجاهدة النفس الأمارة والاشتغال بتز کيتها ،