بأن الطرف المقابل ـ يعني الشيخ ـ فهم كلامي ؛ لأنه ليس بتلك الدرجة من الغباوة بحيث لم يفهم ما قلته ، ولاسيَّما مع تكراري عليه ذلك مرّات ، فالمجادلة معه أكثر من ذلك ما هو إلا لأجل إقعاد الكلمة والالتذاذ بالغلبة ، وهو ممقوت عند صاحب الشرع).
(ولعمري) لتلك حالة لا توجد إلا عند الأوحدين من الناس ، ولاسيَّما بمحضر جماعة من العوام الَّذين هم كالأنعام ، ولا يعرفون الموازين العلمية للأشخاص إلّا بما يشاهدونه بأعينهم من المفاوضات والمكالمات ، ولكن ربَّما كان السكوت جواباً ، قال أبو العبَّاس الناشئ :
وإذا بُليتُ بِجاهلٍ مُتَحامِلٍ |
|
حَسِبَ (١) المَحالَ من الأُمورِ صَوابا |
أوليتُهُ منِّي السكوتَ ورُبَّما |
|
كانَ السُكوتُ عنِ القبیحِ (٢) جَوابا (٣) |
وقيل لبعض : (ما لكم لا تعاتبون الجهّال ليعلموا؟ فقال : إنّا لا نكلّف العُمْيَ بأن يبصروا ، ولا الصُمَّ بأن يسمعوا) (٤).
وقال آخر : (ليس على العالم شيء أصعب ولا أتعب من جاهل يغالطه بالجهل إذا لم يكن عندَهُ عالم يفقه کلامه) (٥).
__________________
(١) في الوفيات : (يجد).
(٢) في الوفيات : (الجواب).
(٣) وفيات الأعيان ٣ : ٣٧١ ، وانشده الإمام الرضا عليهالسلام كما في عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٨٧ ويدل ذلك أنه لغير الناشئ الصغير المتوفی سنة ٣٦٦ هـ ، فلاحظ.
(٤) فيض القدير ٢ : ٢٢.
(٥) لم أهتد إلى مصدر هذا القول.