بخدمة والدهما السيِّد رضا بحر العلوم (طاب ثراه) ، فأمرهما السيِّد والدهما المذكور بمصاحبتهما اله إلى عيادة شخص من أكابر بیوت العلم المعروفين بالنَّجف.
قال : وبالاتفاق لمّا دخلنا على صاحب الدار لم نجد في مجلسه من أهل العلم أحداً ، وكان الحاضرون كلهم من السواد السوقية ، فلمَّا استقر بنا الجلوس وأدّى كلٌّ منّا مع صاحبه الوظائف والرسوم العادية ، سأل الشيخ صاحب المنزل والدي عن مسألة فقهية وادّعى الاشتباه فيها على الأصحاب ، وأخذ يقرر إشكاله على الأصحاب لوالدي ، فلمَّا أتمّ كلامه أجابه والدي : بأنك مشتبه في فهم مرادهم ، وإن الإشكال غير وارد عليهم بعد فهم المراد ، وأخذ في بيان مرادهم بأحسن تقریر ، وأوفی بيان وتعبیر ، فلمَّا فرغ من الكلام لم يتقبل الشيخ منه ذلك وأخذ في التثبُّت بالمناقشات ، فكرَّر الوالد عليه الكلام بأوفى من المرة الأولى ، فلم يقنع الشيخ بذلك ، فکرَّر عليه الكلام ثالثاً وبالغ في الايضاح ، فلم يقنع الشيخ بذلك ، فسكت الوالد ولم يتكلَّم بعده بكلمة واحدة ، وحين رأي الشيخ من والدي ذلك قوي عزمه على الكلام وأخذ بإقامة ما عنده من البراهين على صحَّة ما ادّعاه من الغثّ والسمين ، والوالد ساكت لا يتكلَّم بحيث تحقَّق عند العام الحاضرين في ذلك المجلس تفوق الشيخ على السيِّد الوالد وإقحامه بما لا مزيد عليه.
قال : ونحن حاضرون وأدركنا ذلك المعنى من أهل المجلس ، وكنا نقدر على إعانة الوالد ومساعدته في الكلام وإقعاد كلمته على حسب الواقع والمرام ، ولكنّا تأدُّباً اللوالد ، وتوقيراً لصاحب المنزل سكتنا ، ولمّا قمنا وخرجنا من المنزل تقدم أخي السيِّد علي إلى جنب السيِّد الوالد رحمهالله وقال له : يا والدي ، ما الَّذي دعاك إلى السكوت عن إحقاق الحق وقمع الباطل حَتَّى فضحت نفسك ، وفضحت جدَّنا بحر العلوم ، بل وأسأت جعفر بن محمّد عليهالسلام بهذا السكوت ، لِمَ سكتّ وأنت محقٌّ في کلامك؟ وبالغ في انزعاجه من تلك الحالة ، ولمّا سكن قال له والدي رحمهالله : مع العلم