وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ
____________________________________
كافية ، فقد أتيتكم بالقرآن وبمعجزات أخر تكفي في إثبات النبوة ، وإن كانت الحجة غير كافية ، فالإتيان بالمعجزة أيضا غير مفيدة لإقناعكم ، أرأيت لو عالج الطبيب أعصى الأمراض ، وتحدى الأطباء ، فهل للأطباء أن يقولوا أنت لست بطبيب ، وإلا فعالج مرضى آخرين؟ وإذا قالوا ذلك ألم يحمل كلامهم على العناد؟ (وَ) كذلك الكفار كانوا يقولون للرسول إن كنت رسولا فقل لنا ما هو مصيرنا في الدنيا وما هو مصيرك؟ وأجابهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) فإن علم الغيب تفصيلا خاص بالله تعالى (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) «إن» نافية أي ما أتبع في المجيء بالآيات ، وفي الإخبار عن المغيبات ، إلا كما يوحى إلي ، وليس من الصلاح إجابة كل معاند بما يقترح ، وإلا كان مهزلة ، وكرروا قولهم أنه سحر ، فما ذا يفعل الرسول لمن يرد العناد؟ وقبل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءهم موسى بكل آية فقالوا (سِحْرانِ تَظاهَرا) (١) كما انه ليس من الصلاح أن يخبرهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بكل ما يريدون من المغيبات لأنه إن كان لإقناع المصنف فقد اقتنع بما رآه من إعجاز القرآن وغيره ، وإن كان لإقناع المعاند ، فالمعاند لا يقتنع ولو جاءهم الرسول بكل آية ، أليس عيسى عليهالسلام أخبرهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم ومع ذلك كفروا به؟ (وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ) منذر بأنّ من لم يسمع كلامي له حياة سيئة في الدنيا وفي الآخرة
__________________
(١) القصص : ٤٩.