إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (١٣) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٤) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً
____________________________________
دينكم حتى تنالوا جزاء الاستقامة ف (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ) وتركوا الأصنام ، بأن صحت عقيدتهم (ثُمَّ اسْتَقامُوا) في اتباع أوامره سبحانه (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من مكروه آت (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لمكروه سابق ، فإن الخوف من المكروه المرتقب ، والحزن من المكروه الوارد الكائن الآن ، أو الماضي ، وذلك ليس بمعنى أن المؤمنين لا يصيبهم حزن وخوف ، بل بمعنى «النسبية» فخوفهم وحزنهم ، بالنسبة إلى خوف الكفار وحزنهم ، قليلا جدا بحيث يمكن سلب كونه خوفا أو حزنا ، لأنهما قليلان مؤقتان ، ومقترنان بالبشارة بالأجر والثواب ، بخلاف خوف الكفار وحزنهم.
[١٥] وإنما كان خوفهم وحزنهم مؤقتا لأن (أُولئِكَ) المؤمنين (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) في الآخرة ، فما يلاقونه من الأتعاب في الدنيا ينقضي بسرعة (خالِدِينَ فِيها) أبدا (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) والاعتقاد نوع من العمل أيضا ، لأنه عمل القلب ، فلا يقال : لماذا لم يقل سبحانه : ... بما كانوا يعتقدون ويعملون؟.
[١٦] (وَ) كما أننا وصينا الإنسان بعدم الشرك وعبادة الله الذي هو منعم حقيقي عليه كذلك (وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) اللذان هما سبب وجوده فكل واحد منهما منعم مجازي على الإنسان ، والوصية قول مؤكّد سواء كان في الحياة أو بعد الممات (إِحْساناً) أي أن يعمل الحسن ، وقوله سبحانه «إحسانا» من باب المبالغة مثل «زيد عدل»