تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ
____________________________________
علما وقدرة ، ومن حيث سائر الصفات.
[٦] ثم بين سبحانه بعض عظمته في الكون التي أوجبت أن تقترب السماوات إلى الإنفطار والانشقاق خوفا وروعة ، وأوجبت تنزيه الملائكة ، وطلب غفرانهم لأهل الأرض العصاة ، كما نرى من اعتذار الوزير من الملك ، عمّن عصاه ، لما يرى شدة بطشه ، ولما يخاف من أن تحل نقمته ـ (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ) أي يتشققن (مِنْ فَوْقِهِنَ) أي جهة أعلاهن ، لأن الأعلى ، أقرب إلى ما ارتكز في الذهن من علوه سبحانه ، وإن كان العلوان مختلفان ، فعلوه سبحانه معنوي وعلوها حسي ، والمعنى أن عظمته سبحانه ، بحيث تؤثر في السماوات ، حتى أنها تقترب من الانشقاق ، وهذا كقوله سبحانه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) (١) وقوله ((إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ) (٢) (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) أي ينزهونه بذكر محامده ، فإن من قال فلان شجاع ، كان حمدا وتنزيها عن الجبن ، بخلاف ما لو قال إنه ليس بجبان ، فإنه لا يلزم أن يكون شجاعا (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) بأن يغفر الله لهم ، أما مؤمنهم ، فيغفر له عصيانه ، وأما كافرهم فبأن يهيئ سبحانه مغفرته بالإيمان ، حتى لا يحل بهم العذاب مما يرهب منه ، حتى الملائكة ، وإن كان تعذيبا لغيرهم ، فإن الشخص يرهب العذاب ، حتى إذا نزل بغيره (أَلا) فيتنبه البشر (إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ)
__________________
(١) الرعد : ٣٢.
(٢) الأحزاب : ٧٣.