ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (٢٥) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦)
____________________________________
ارْتَدُّوا) رجعوا (عَلى أَدْبارِهِمْ) بدل أن يسيروا إلى الأمام ، رجعوا قهقرى من طرف الدبر إلى الخلف (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ) ظهر (لَهُمُ الْهُدَى) وعرفوا الحق (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) سهل لهم ركوب الآثام ، من السول بمعنى الاسترخاء (وَأَمْلى لَهُمْ) أي قرر عليهم ، كالذي يملي على الآخر الشيء ليكتبه ، فالشيطان أولا جعلهم رخوا ، ثم قرر لهم أن يخرجوا عن الطاعة.
[٢٧] وإنما تمكن الشيطان من الأخذ بقيادهم ، لأنهم انحرفوا عن طاعة الرسول إلى طاعة الكفار وحيث بدلوا قيادة الله إلى قيادة الشيطان تمكن الشيطان منهم (ذلِكَ) التمكن من الشيطان من قيادهم بسبب أنهم (قالُوا) للكفار (لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ) إذ الكفار كرهوا القرآن والرسول (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) كما هو شأن المنافقين دائما ، إنهم يميلون قليلا إلى جانب الأعداء ، وهذا الميل القليل ينتهي بهم إلى الميل الكثير ، ثم تبديل القيادة من الإيمان إلى الكفر ، وفي هذا تنبيه على أنه لا ينبغي للمؤمن أن يميل قليلا ، وإلا انحرفوا ، كما قال الله سبحانه (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) (١) (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) السر الذي ناجوا به
__________________
(١) الروم : ١١.