أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)
____________________________________
كما هو واضح ، والمؤمنون يعرفون ضمائرهم فيسلبون اعتمادهم أيضا ، فيبقون مكروهين من الجانبين (أَمْ حَسِبَ) بل زعم (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) مرض النفاق (أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ) أحقادهم ، نحو الرسول ونحو المؤمنين ، كلا ليس كذلك بل تظهر أحقادهم ، كما قال الإمام علي عليهالسلام : «ما نوى امرء شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه» (١).
[٣١] (وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ) رؤية العين بأن ينزل جبرائيل ويقول إنهم فلان وفلان ، لكن الله على الأغلب يترك الأمور مع الأنبياء على طبيعة الحياة ، من دون إعجاز ، ليتخذهم الناس أسوة ، لئلا يقول الناس أنهم قدروا على إدارة الأمور من جهة الوحي والغيب ، ولا نتمكن نحن مثلهم فيتقاعسوا عن العمل (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ) سيما الإنسان ملامح وجهه ، لكنا لا نشاء ذلك ، لما تقدم ثم ابتدأ سبحانه بقوله (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) أي أن فلتات ألسنتهم تدلّك عليهم واللحن هو الإمالة ، فإن المنافق يميل بكلامه ، حيث إن قلبه لا يرضى أن يتكلم حسب موازين الإيمان (وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) أعمال المؤمنين والمنافقين فاللازم مراقبته سبحانه ، وهذا تهديد للمنافق بأنه بالإضافة إلى أنه يفضح في الدنيا ، فهو يجزي بالجزاء في الآخرة ، لأن الله يعلم عمله.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ٧٢ ص ٢٠٤.