إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٢)
____________________________________
[٢] (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) يا رسول الله (فَتْحاً مُبِيناً) واضحا ، قالوا نزلت بعد أن رجع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الحديبية ، والمراد أنه سيفتح له ، فنزل المضارع المحقق الوقوع منزلة الماضي ، لأنه في كونه يقينا مثل المستقبل ، أو المراد أن الحديبية فتح ، لأنها كانت سبب الفتح ومفتتحه.
[٣] وإنما فتحنا لك (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) على الفتح (وَما تَأَخَّرَ) أي أن الفتح سبب لغفران كل الذنوب ، والمراد به ، إما ذنوبه صلىاللهعليهوآلهوسلم عند الكفار ، فإنه كان عاقا قاطعا للرحم عندهم وقد قتل رجالهم وسبّ آلهتهم قبل الفتح وبعد الفتح ، فإذا سلط عليهم ، غمضوا عن ذنوبه ، كما هي العادة أن الإنسان إذا تسلط غفر الناس ما يزعمون له من ذنوب ، وإما المراد بالذنوب ، ما ذكروا من ذنوب الأنبياء ، من أنها تعد ذنوبا بالنظر إلى الكمال الواقعي يمنعه الاضطرار إلى المأكل والمشرب وما أشبه ، فهو نوع من التواضع ، يرفع النقص الذي ألجئ إليه اضطرارا ، وإما المراد ذنوب الأمة فإن ذنب الأتباع يعد ذنب الرئيس ـ عرفا ـ فالجهاد تكميل للمضطر إليه ، أو سبب غفران ذنب الأمة (وَ) ل (يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بإعلاء الإسلام وضم السيطرة إلى النبوة (وَ) ل (يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً) فإن الهداية تتلاحق آنا بعد آن ، وفي حالة بعد حالة ، مثلها مثل الحياة ، ومثل ماء النهر ، فكل خطوة بعدها إما هداية أو ضلال ، لأنه إن مشى مستقيما ـ بعد تلك الخطوة ـ فهو هداية وإلا كان ضلالا ، والفتح سبب الهداية ، لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم