ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (٢٧) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨)
____________________________________
(ما لَمْ تَعْلَمُوا) من كون المصلحة تأخير دخول المسجد الحرام ، وقد تقدم أن المصلحة ظهرت بعد ذلك (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ) من قبل دخولكم المسجد الحرام (فَتْحاً قَرِيباً) هو فتح خيبر ، وبذلك قوي الإسلام واطمأن المسلمون بالنصر والغنائم ، إلى أن تيسر وقت فتح مكة ، تصديقا لرؤيا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[٢٩] وكيف زعم بعض المسلمين في الحديبية أنهم انهزموا ، حتى قال قائلهم ما شككت في نبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل شكي يوم الحديبية والحال أن الله (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) يصحبه الهدى ، لهداية الناس إلى الحياة السعيدة في الدنيا والآخرة (وَدِينِ الْحَقِ) الدين هي الطريقة ، والحق هو الواقع «لأن لكل شيء واقعا صحيحا» فالدين الحق هو الطريقة ، والهدى عبارة عن الهداية إليه ، كما يقال هديته إلى الطريق ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جاء بأن يهدي الناس ، وكأن معه خريطة دين الحق ، وإنما أرسله الله سبحانه (لِيُظْهِرَهُ) ليغلبه (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) كل الأديان ، سواء كانت سماوية منسوخة أو غير سماوية (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) فالله يشهد بأنه رسوله وأن ما أتى به هو الدين الحق ، وشهادته سبحانه عبارة عن جعله تعالى الفطرة البشرية موافقة له ، وجعل الحجة له ، أو المراد جعل المعجزة المصدقة للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم معه ، ثم إنه كما يحق لمخترع الطائرة أن يقول ستعم الطائرة كل البلاد ، وسينسخ السفر بالدواب «لأنه يعلم ذلك بالمقايسة بين المركوبين ، وبفهم طبيعة البشر المائلة إلى