لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ
____________________________________
قبل صلىاللهعليهوآلهوسلم الصلح في الحديبية ولم يدخل المسجد الحرام ، تساءل المؤمنون عن مدى صحة الرؤيا ، وهل كانت أضغاث أحلام؟ وإذا كانت صادقة فلما ذا لم تتحقق؟ وأجاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الرؤيا صحيحة وأنهم يدخلون المسجد ، ولكن ما ظنه المسلمون من أن تحقق الرؤيا يكون في هذه السنة «سنة الحديبية» كان غير صحيح ف (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا) فكان ما أراه الله في المنام صدق (بِالْحَقِ) الصدق هو مطابقة الخبر للواقع ، والحق هو مطابقة الواقع للخبر ، وقد يجتمعان للتأكيد ، أو المراد أن ما أراه تعالى له صلىاللهعليهوآلهوسلم كان صدقا «يقع في المستقبل» متلبسا «بالحق» أي بالغرض الصحيح والحكمة البالغة ، فأنتم أيها المؤمنون (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) مؤكدا «باللام» و «نون الثقيلة» (إِنْ شاءَ اللهُ) إن شاء الله إما كلمة تبرك ، فليس لها معنى الشرط ، أو هي مثل لفظ «لعل» الذي يستعمله القرآن الحكيم المراد به أن الكلام محل «لعل» أو محل «إن شاء الله» وإن كان سبحانه لا يرجو شيئا ولا شك له حتى يعلق على المشيئة ، فهو كاستعمال الأمر بقصد التهديد أو ما أشبه ، وكذلك في كل إنشاء وإخبار ، قد يستعملان بقصد آخر ، في حال كونهم (آمِنِينَ) عن محاربة الكفار لكم ، وفي حال كونكم (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) من أظفاركم وغيرهما ، والظاهر أن المراد أن قسما محلق وقسما مقصر (لا تَخافُونَ) بعد ذلك ، فالآمن حين الدخول ، وعدم الخوف بعد ذلك فلمجرد الترتيب في الكلام علم الله