إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)
____________________________________
فلهم جزاءان محو الذنب ورفع الدرجة.
[٥] (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ) يا رسول الله (مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) من خلف حجراته صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد كان لكل امرأة له حجرة خاصة بها (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) إذ العقل يقتضي حسن الأدب فلا ينادي الشخص الإنسان الكبير من وراء الحجرة ، بل إما أن يدق الباب دقا خفيفا ، أو أن يشير بكلام يدل على أنه حضر لحاجة ، أو أن يصبر حتى يخرج الإنسان الرفيع بنفسه وإنما قال «أكثرهم» مع أن كل من فعل ذلك لا يعقل ، تأدبا ، حتى يمكن أن يزعم أن من فعل ذلك أنه ليس داخلا في «أكثرهم» فلا يتأذى ، وهذا باب من أبواب البلاغة ، حيث يفهم المتكلم ، من فعل السيئ ، قبح فعله ، مع تجنب أن يؤذيه.
[٦] (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) من الاستعجال والنداء (وَاللهُ غَفُورٌ) لمن تأدب بعد ذلك وسمع الأمر (رَحِيمٌ) يعطي للمتأدب الأجر والثواب ، وهذه الآيات لم ينته فحواها ، بل الأدب يقتضي كل ذلك مع الكبار ، فإن كل آيات القرآن تنفع الإنسان عبرة أو حكما ، حتى آية النجوى التي نسخت في زمن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أفادت طبيعة الإنسان وأنها بخيلة لا تصرف المال وإن فاته الخير بسبب صرف المال ، حتى يعلم الإنسان أن اللازم عليه محاربة شحه ، إلى غير ذلك من الآيات التي يظهر منها ابتداء أنها خاصة ، ثم إن الجهر عند الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والإنسان الرفيع الشأن لا يكون مذموما إذا كان