وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ
____________________________________
حال ما إذا رأيت إنسانا يظلم فتقول له (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ...) وإذا رأيت آخر يظلم ، تقرأ له نفس الآية ، ثم لا يقال كيف أرسل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الفاسق لجمع الصدقات؟ ثم كيف همّ بقتالهم مع أن العقلاء لا يعتمدوا على خبر الفاسق ، والجواب أن فسقه لم يكن ظاهرا قبل ذلك ، بل أظهره القرآن ، والرسول أظهر إرادة القتال ، لا إنه أراد أن يقاتل واقعا وكثيرا ما كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يظهر شيئا لمصلحة ، وإن كان لا يريده واقعا ، وقد كان إظهار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن بعض الصحابة أشار إليه بحرب بني المصطلق كما ورد في التفاسير (١).
[٨] ولذا قال سبحانه (وَاعْلَمُوا) أيها المسلمون (أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ) فلا تسيئوا الأدب معه ، بالكذب عليه ، كما كذب الوليد ، ولا تشيروا عليه بما تشتهون ، كما أشرتم إليه بحرب بني المصطلق ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ) من الأمور التي تشيرون عليه بها ، ف «الأمر» اسم جنس (لَعَنِتُّمْ) لوقعتم في العنت ، لأن كل أحد يأتي إليه ، ويقول له ما يرى هو من نظرته الخاصة ، بينما الرسول لا يعمل إلا بما يصلح العموم ، كما هو شأن الكبراء حيث يلاحظون المصلحة العامة ، وإلا فهذا يقول ضد ذلك ، وذلك يقول ضد هذا ، وكل يريد تنفيذ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ما يشير به إليه ، ومن المعلوم أن ذلك يوجب مشقة المسلمين ، لأن معنى سماع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كلامهم ، أن يطرد هذا ويعاقب هذا ، وهلم جرا ، ثم بين سبحانه ، أن ترك إطاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) راجع مجمع البيان : ج ٩ ص ٢٢٠.