ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)
____________________________________
«إذا» لوضوحه (ذلِكَ) الذي يقوله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من الرجوع أحياء (رَجْعٌ بَعِيدٌ) يبعد في نظرنا أن يكون له حقيقة.
[٥] ولماذا بعيد هل لأنا لا نقدر على الإعادة؟ وجوابه : أن الذي يقدر على الابتداء يقدر على الإعادة أو لأن أجزائه تنتشر في الأرض ، ولا نتعرف أين سقطت تلك الأجزاء؟ وجوابه (قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) ما تأكل من أجسادهم إذا ماتوا ، فإذا علمنا ما تأكل الأرض من لحومهم وعظامهم وسائر أجزائهم ، مع أن أكل الأرض شيء لا يراه حتى من ينظر ، فكيف لا نعرف أجزاءهم المبعثرة بعد تحولها إلى تراب (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) يحفظ كل شيء ، وهو اللوح المحفوظ ، ومن المعلوم أنه سبحانه لا يحتاج إلى الكتاب ، وإنما ذكر ذلك لتقريب أذهان الكفار ، وفي ذلك الكتاب يحفظ خصوصيات الإنسان الحي ، والأجزاء المبعثرة من الميت فإذا أريد بعث الميت أعيد بدون زيادة ولا نقيصة ، بتلك الخصوصيات والمزايا التي كان له حال الحياة.
[٦] (بَلْ) إنهم زادوا على التعجب ، بأن كذبوا بالحق ، فلم يقفوا على الشك والتردد ، مع أنهم لا حجة لهم في هذا التكذيب لأنهم في أمر مضطرب فقد (كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) وهو الرسول والقرآن ، وما جاء به الرسول من العقيدة والشريعة ، وتكذيبهم بدون دليل أفظع من تعجبهم السابق ـ ولذا قال سبحانه «بل» (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) مضطرب