فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما
____________________________________
وغيرهما ، وحيث كانوا أكثر بطشا وقوة (فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) كأن دخولهم في البلاد تنقيب ، لأنهم كانوا يفحصون عن مواضع الثروة والنزهة ، كالمنقب الذي يخرق ويثقب الأرض طلبا للمال والكنز ، فإن قوتهم وبطشهم صار سببا لذلك ولذلك جاء «بالفاء» ف (هَلْ) كان لهم مع شدة البطش والتنقيب في البلاد (مِنْ مَحِيصٍ) مهرب وخلاص لهم من الله حين أراد إهلاكهم.
[٣٨] (إِنَّ فِي ذلِكَ) الذي ذكرناه من التخويف بعذاب الله في الدنيا والآخرة لمن كفر (لَذِكْرى) تذكرة ، وذلك لأن الإنسان بفطرته يعلم كل ذلك ، وإنما يكون بيان القرآن تذكرة لمن نسيه أو تناسى عنه (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) أي قلب واع ، فإن من لا وعي لقلبه ، مثل من لا قلب له (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) أي استمع (وَهُوَ شَهِيدٌ) حاضر الذهن ليفهم ما يقال له ويستمع إليه ، فقد يكون للإنسان قلب مهيأ ، وقد لا يكون له قلب مهيأ لكنه يستمع بانتباه وبذلك يهيئ قلبه ، وفي كلتا الحالتين ، يكون ما ذكرناه تذكرة له ، فقد تكون الأرض بنفسها صالحة للزرع ، وقد لا تكون لكنها تقبل الإصلاح ، فتصلح ثم تزرع ، ف (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) كالأول و «أو ألقى ...» كالثاني.
[٣٩] أما وكيف أن هؤلاء الكفار ينكرون البعث وهم يرون خلقنا السابق ، ويعلمون أنا لم نتعب لأجله ، ودليل عدم التعب استمرارنا في الخلق وفي إدارة الكون (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما) من