وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١) كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَواصَوْا بِهِ
____________________________________
[٥٢] (وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) كما كان المشركون يجعلون ذلك (إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ) من قبل الله (نَذِيرٌ مُبِينٌ) فاللازم أمران : الأول : توحيد الإله. والثاني : عدم عصيانه ، ولعل وجه تقديم الثاني ، في الآيتين إن الاشتغال بالمعاصي يحجب الإنسان عن الإيمان بالوحدانية ، كما قال تعالى (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) (١) كما أن وجه تكرار آخر الآية بشكل واحد لعله للتنبيه على أن الإنذار على المعاصي مثل الإنذار على المشرك ، كما قال تعالى (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) (٢).
[٥٣] إنهم مع إنذارك لهم إنذارا واضحا ينسبونك إلى أنك ساحر أو مجنون و (كَذلِكَ) أي أن الأمر مثل ذلك (ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم (مِنْ رَسُولٍ) من عند الله (إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) بعضهم قالوا ساحر وبعضهم قالوا مجنون ، أو كما تقدم في تفسير آية (وَقالَ ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ).
[٥٤] (أَتَواصَوْا بِهِ) أي أن الأولين والآخرين الذين رمى كلهم أنبياءهم بالسحر والجنون هل أوصى بعضهم بعضا بأن ينسبوا الأنبياء إلى مثل هذه النسبة؟ كلا ، إذ لا ربط بين الأمم مع اختلاف زمانهم وتباعد
__________________
(١) الروم : ١١.
(٢) الأنعام : ١٥٩.