أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (١٨) اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (١٩) مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ
____________________________________
الكفار ، الذين يظنون أنها باطلة ، لا حقيقة لها (أَلا) فليتنبه السامع (إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ) أي يجادلون من المراء ، وهو الجدال (فِي السَّاعَةِ) ليثبتوا بطلانها ، منكرين لوجودها (لَفِي ضَلالٍ) وابتعاد عن الصواب (بَعِيدٍ) كالإنسان الذي يضل عن الجادة كثيرا ، ومقابل العصاة ، الذين هم في ضلال ، ولكن ليس بذلك البعد ، فإنهم أقرب إلى الجادة ، من منكر المعاد.
[٢٠] إن الله سبحانه خلق الدنيا للامتحان ، ولذا يرزق المؤمن والكافر فيها ، لتهيئة وسيلة السعادة ، أما الآخرة ، فليس رزقها ، إلا لمن آمن وعمل صالحا ، وهذا لتنبيه الكفار ، بأن الآخرة ، التي يوعدونها ليست بمثابة الدنيا يرزق فيها كل صالح وطالح ، وإنما مقياس تلك غير مقياس هذه الدار (اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) يلطف بهم ليسعدهم ، فيهيّئ لهم وسائل السعادة ، سواء كانوا صالحين أم طالحين (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) كيف يشاء في سعة أو ضيق (وَهُوَ الْقَوِيُ) القادر على الإعطاء والمنع والتوسعة والتضييق (الْعَزِيزُ) الغالب في سلطانه ، فلا يتمكن أحد من معارضته ، [٢١] وإذا كان الله رازقا هنا ، فليعلم العباد أن من طلب رزق الدنيا يؤتيه بقدر ، ولا نصيب له في الآخرة ، ومن طلب رزق الآخرة ـ بالإيمان والعمل الصالح ـ يعطى أكثر من كسبه (مَنْ كانَ يُرِيدُ) بعمله (حَرْثَ الْآخِرَةِ) أي زرعه ، فكأن العمل هنا بذر يعطي هناك ثماره (نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) إذ يعطيه الله سبحانه من عشرة أضعاف إلى ما فوق سبعمائة