إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى (١٦) ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى (١٧) لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٨) أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (١٩)
____________________________________
المؤمنون الصالحون.
[١٧] (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ) غشيه بمعنى أحاط به واستولى عليه (ما يَغْشى) مما لا يعلمه إلا الله تعالى ولعلها باعتبار كونها الحدّ الفاصل بين عالم الدنيا وعالم الآخرة ، يكون مهبط الأملاك من الجنة إلى السماوات والأرض ، ومصعد أرواح المؤمنين والملائكة الصاعدة من الأرضين والسماوات إلى طرف الجنة.
[١٨] ولا يقول الكفار لعلّه اشتبه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه المرة أيضا ، لأنه (ما زاغَ) لم يمل (الْبَصَرُ) بصر رسول الله ، بأن رأى غير جبرئيل فزعم (وَما طَغى) بأن لم يكن شيء فيزعمه شيئا كما في من يرى السراب فيزعمه شيئا وهو ليس بشيء ، ثم لا يخفى أن رؤية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لجبرئيل مرتين ، إنما يراد به أنه رآه بصورته الواقعية ، كما ورد بذلك النص والتفاسير (١) ، وإما بغير صورته الواقعية ، كصورة «دحية» فقد رآه صلىاللهعليهوآلهوسلم مرات عديدة.
[١٩] و (لَقَدْ رَأى) الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عند سدرة المنتهى (مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) أي الآيات العظام التي كانت حول شجرة السدرة.
[٢٠] هل الله وما شاهده الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من آيات الله ، يقاس بما أنتم عاكفون عليها من الأصنام؟ (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) وهما صنمان كان
__________________
(١) الاحتجاج : ج ١ ص ٢٤٣.