سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ
____________________________________
[٢] (سَبَّحَ لِلَّهِ) نزهه عما لا يليق به ، وقد تقدم في آخر الواقعة ، وجه تعدي التسبيح باللام (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قد سبق وجه جمع السماوات وإفراد الأرض ، وتسبيح كل شيء إما بلسانه ، وإن كنا لا نفهم ألسنة غير الإنسان من المخلوقات ، وإما بدلالته على علم الله وقدرته وصفاته وغير ذلك ، إذ حتى الشعرة الواحدة دليل على الذات وعلى كل الصفات العقلية الثابتة عقلا له سبحانه (وَهُوَ) تعالى (الْعَزِيزُ) له العزّة والرفعة وعزّة ما سواه إنما تكون به تعالى (الْحَكِيمُ) يضع الأشياء موضعها ، ولحكمته خلق الكون ، ولعزته سبح له كل ما في الكون.
[٣] (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بل هو وحده المالك الحقيقي ، أما سواه فملكه استعارة ومجاز (يُحْيِي) التراب إلى النبات والحيوان والإنسان ، كما يحيي الإنسان والحيوان بعد موتهما (وَيُمِيتُ) الثلاثة بعد حياتها في دار الدنيا ، كما يميت الحيوانات على الأكثر في الآخرة ، حتى أن الكافر إذا رأى ذلك قال : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (١) (وَهُوَ) سبحانه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) بشرط أن يكون لذلك الشيء أهلية تعليق القدرة ، كما بحث حول ذلك في كتب الفلسفة الإسلامية.
[٤] (هُوَ الْأَوَّلُ) قبل كل شيء (وَالْآخِرُ) بعد كل شيء ، ولا منافاة لعدم انتهاء الجنة والنار إذ يصدق البعدية بالنسبة إلى الحال الحاضرة ، فإن الكل يهلك إلى وجهه (وَالظَّاهِرُ) بآثاره لدى كل ذي عقل (وَالْباطِنُ)
__________________
(١) النبأ : ٤١.