ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥)
____________________________________
شتيت كمرضى ومريض ، والشتيت هو المتفرق ، أي أن قلوبهم متفرقة (ذلِكَ) الذي ذكر في وصفهم بسبب أنهم (قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ما فيه الرشد مما فيه الغي ، ومن لا يعقل يكون بما ذكر له من الصفة ، وهذه الصفات في اليهود إنما تولدت من منهجين ينهجون عليهما الأول : ـ زعمهم بأنهم شعب الله المختار. والثاني : تكالبهم على المادة ، فإن الاتفاق وسائر الفضائل إنما تتولد من التواضع وتحكيم الروحيات في الأمور ، فإذا زعم كل إنسان أنه فاضل لم يرضخ لغيره مما يسبب التشتيت ، وإذا اتجه الإنسان نحو المادة لم تهذب نفسه حتى ينبع منها الخير والفضيلة ، ولذا نرى عبر التاريخ ، اليهود بين معتد ، وبين مطارد ، إن صار لهم شيء اعتدوا ثم جاء من يطاردهم ، وهكذا دواليك ، وقد رأينا في عصرنا قصة اعتدائهم في «ألمانيا» ومطاردة «هتلر» لهم ... ثم اعتدائهم في المسلمين ، وأخذت السحب تتجمع هنا وهناك لمطاردتهم.
[١٦] ومثل بني النضير (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً) وهم بنو قينقاع الذين نقضوا عهد الرسول فأمرهم صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخروج (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي عاقبة عملهم السيئة ، و (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي مؤلم موجع في الآخرة ، وقد كان عبد الله بن أبيّ المنافق وعدهم النصر ، فلم ينصرهم ، كما غر بني النضير وخذلهم حين التحموا بجيش المسلمين.