لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَإِلَيْكَ أَنَبْنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤) رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٥)
____________________________________
الذي قال لأبيه وذلك كان قبل نهي الله سبحانه ـ (لِأَبِيهِ) أي عمه آزر (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) أي أطلب غفران الله لك ، وكان ذلك لموعدة وعده إياه ، فلما تبيّن له أنه عدوّ لله تبرأ منه ، فلا ينبغي للمسلم أن يقتدي بذلك ، بأن يستغفر للكافر ويحتمل أن الاستثناء من قوله «إنا برآء منكم» أي قالوا للكفار إنّا أعداء لكم ، إلا إبراهيم وعد عمه بالاستغفار قبل أن يتبين أنه عدو لله ، ثم قال إبراهيم لعمه (وَما أَمْلِكُ لَكَ) يا عم (مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) فإذا أراد بك شيئا لم أملك أن أرد العقاب عنك ، ثم قال إبراهيم والمؤمنون به (رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا) فقد وكلنا أمورنا إليك (وَإِلَيْكَ أَنَبْنا) الإنابة هي الرجوع أي رجعنا إليك في أمورنا ، فإن الإنسان باعتبار أنه مخلوق لله تعالى كأنه جاء من عنده ، فهو إذا أطاع كان بمنزلة الراجع إليه سبحانه ، تشبيها للمعقول بالمحسوس (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) أي ان منتهى أمورنا إليك ، ونعود في يوم القيامة إلى حسابك وجزائك.
[٦] (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي لا تجعلنا امتحانا لهم فإن الكافر يمتحن بالكفر وبإيذاء المؤمنين وبالعصيان ، وإذا وقع المؤمن مورد امتحان الكافر ، أو ذي وقد لا يطيق ذلك ، أو المراد لا تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نتحمله (وَاغْفِرْ لَنا) أي استر علينا وامح سيئاتنا (رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ) الذي لا يغلب القاهر في سلطانه (الْحَكِيمُ) الذي يفعل كل شيء حسب الصلاح والحكمة ، ولعل حكاية هذه