صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (٤) وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ
____________________________________
في حال كونهم مصطفين (صَفًّا) بلا تبعثر أو تفرق (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) كأنهم في شدة ثباتهم بناء قد رصّ ، أي أحكم بناؤه يقال رصصت البناء أي أحكمته. روي إن المسلمين قالوا : لو علمنا أحب الأعمال إلى الله تعالى لبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا فأنزل الله (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ) الآية فلما كان يوم أحد وتولوا أنزل الله سبحانه «لم تقولون»؟
[٦] ثم جاء السياق ليحذر المسلمين أن يكونوا كأصحاب موسى عليهالسلام يؤذونه بعد أن علموا أنه نبي من عند الله تعالى ، فإن ترك القتال إيذاء للرسول ومخالفة لأمره (وَ) اذكر يا رسول الله (إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) بني إسرائيل الذين آمنوا به (يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي) بأفعالكم كعبادة العجل ، وأقوالكم كقولهم (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا) (١) (وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ) «قد» للتحقيق ، وإن كان الأكثر في فعل المضارع أن يكون للتقريب ، ولعل النكتة فيه أن احتمال كونه رسولا كاف في كفهم عن أذاه (إِلَيْكُمْ) بعثني إليكم لهدايتكم.
لكن القوم تمادوا في إيذائه عليهالسلام (فَلَمَّا زاغُوا) أي مالوا عن الحق بالاستمرار في أذاه كما هو طبيعة اليهود (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) أي تركهم وشأنهم ومنع عنهم الألطاف الخفية حتى مالت قلوبهم ، ونسبة
__________________
(١) المائدة : ٢٥.