يَعْمَلُونَ (٢) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (٣) وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ
____________________________________
يَعْمَلُونَ) أي بئس العمل عملهم حيث يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر صدا عن سبيل الله.
[٤] (ذلِكَ) النفاق إنما كان بسبب أنهم (آمَنُوا) بألسنتهم (ثُمَّ كَفَرُوا) بقلوبهم ، فإن المنحرف الطبع إذا رأى خيرا أسرع إليه مخلصا وإذا رأى التصادم مع مصالحه يبقى في ظاهر الموافقة ـ حزنا ـ ويتراجع في الباطن ترجيحا لمصالحه (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) إذ تمرنوا على الكفر والتمادي في صفة يوجب تطبع النفس بها إذ تكون ملكة للمتمادي ، والطابع هو الله سبحانه ، الذي خلق النفس البشرية هكذا ، وإن كان الطبع بسبب نفاقهم ، والمراد بالقلوب الأنفس (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) أي لا يفهمون حقيقة الإيمان والتقوى لأن نفوسهم انحرفت ، وإذا انحرفت النفس رأى الجميل قبيحا والقبيح جميلا.
[٥] (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ) أي نظرت إليهم يا رسول الله أو أيها الرائي (تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) بحسن منظرهم وتمام خلقتهم وجمال صورهم (وَإِنْ يَقُولُوا) أي يتكلموا في أي شأن من الشؤون (تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) أي أصغيت إلى كلامهم لجميل بيانهم وفصاحة منطقهم ، فهم مع حسن المنظر وعذوبة البيان (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) فارغون عن الصفات الحسنة والفضائل ، كالخشبة الفارغة التي لا تتمكن أن تقف بنفسها فتستند لحائط ونحوه لتقف وتستقيم.