فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ (٤٨)
____________________________________
لشدة الهول والفزع ، أو لما ترون من عدم الفائدة في إنكاره.
[٤٩] (فَإِنْ أَعْرَضُوا) يا رسول الله ، ولم يؤمنوا فلا يهمك أمرهم ، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات ، إذ ما (أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) أي مأمورا بحفظهم حتى يكون خروجهم خلاف مسئوليتك ، وما كلفت به (إِنْ عَلَيْكَ) أي ما عليك يا رسول الله (إِلَّا الْبَلاغُ) فأنت مأمور بالتبليغ والإرشاد ، وقد فعلت ذلك (وَ) هؤلاء بعداء عن الإيمان ، لما جبلوا عليه من البطر حالة الرخاء والكفر حالة البلاء وكيف هؤلاء يخالفون حتى يبتلوا بالنار ـ مع هذا الطبع الرقيق الذي لا يتحمل نقمة ولا شدة ـ؟ ف (إِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ) والمراد به هؤلاء ، لا كل إنسان ، وإنما جيء باللفظ العام ، لأن ذلك هو الطبع الغالب (مِنَّا رَحْمَةً) أي أوصلنا إليه من طرفنا رحمة (فَرِحَ بِها) أي بطر وتجاوز الحد ، كما قال له قومه (لا تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (١) (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) أي صفة تسؤهم كالفقر والمرض والخوف ، وما أشبه (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي كانت تلك السيئة جزاء لبعض أعمالهم ، والنسبة إلى «اليد» لأنها العضو الغالب في الإتيان بالأفعال ، وإلا فالمراد كل معصية (فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) يجزع من البلاء ، وينسى النعماء.
__________________
(١) القصص : ٧٧.