ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى
____________________________________
في الآخرة بالإضافة إلى العذاب الذي ذاقوه في الدنيا.
[٧] (ذلِكَ) العذاب إنما شملهم وأخذهم بسبب أنه (كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ) من عند الله (بِالْبَيِّناتِ) أي بالأدلة الظاهرة والحجج والمعاجز (فَقالُوا) أولئك الكفار ، في رد دعوة الرسل (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) أي كيف يمكن أن يكون الرسول الذي هو بشر مثلنا يهدينا؟ و «بشر» جنس ولذا جيء له بصيغة الجمع «يهدوننا» (فَكَفَرُوا) بالرسل وبما جاءوا به (وَتَوَلَّوْا) أي أعرضوا عن قبول الحق (وَاسْتَغْنَى اللهُ) أي فعل فعل المستغني عن الشيء وهو تركه وشأنه ، وهذا بعد أن طلب منهم الهداية والرشاد فلم يقبلوا ، وإنما جيء من باب «الاستفعال» الظاهر في الطلب ، لأن الغناء في المتعارف إنما يأتي بعقب الطلب فهو من باب التشبيه بالمحسوس ، وإذ كان الكلام موهما لاحتياج الله بهم قبل ذلك جاء السياق ليدفع هذا التوهم بقوله (وَاللهُ غَنِيٌ) بذاته لا يحتاج إلى شيء ولا أحد (حَمِيدٌ) بأفعاله لا يحتاج إلى أن يحمد ولا ينقص عن كونه محمودا بالذات عدم حمد الناس له.
[٨] إن الكفار تولوا عن الإيمان بالله وعن الإيمان بالرسل ، وكذلك تولوا عن الإيمان بالبعث (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا) فلم يكن ذلك تيقنا بل زعما وظنا (أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا) بعد الموت ، ولن يحيوا للحساب والجزاء (قُلْ) يا رسول الله ردّا لزعمهم (بَلى) ليس الأمر كما زعمتم