ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١١)
____________________________________
[١٢] وإذ دعا سبحانه إلى الإيمان بيّن بعض ثمار الإيمان الطيبة التي ينالها الإنسان في هذه الدنيا قبل الفوز بالجنان في الآخرة ، وقدم لذلك مقدمة بقوله (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ) أي لا تصيب الإنسان مصيبة ولا يقع الإنسان في مشكلة (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) فالله سبحانه هو الذي يقدر الأشياء فلو لا تقديره لم يقع شيء في الكون ، فإن الله سبحانه قادر على أن يسكن الكوارث حتى لا تنزل بالإنسان ، وإنما قرر سبحانه المصائب لتنزل بالإنسان للامتحان والاختبار ، وليس معنى ذلك أن المصائب السيئة ينزلها الله سبحانه ، بل معناه أنه تعالى لا يأخذ أمامها حتى لا تنزل ، فمن يقتل ظلما ـ بإذن الله ـ أي لا يمنع الله القاتل ـ منعا تكوينيا بأن تشل يده ـ حتى لا يتمكن من القتل وإنما يأذن ولا يأخذ بيد القاتل لكون الدنيا دار اختبار ، فلو كان سبحانه يجبر على ترك القبيح لكان الإنسان بمنزلة الحجر والجماد في أفعاله الاضطرارية ويبطل الثواب والعقاب.
وإذ قدم السياق هذه المقدمة ، أتى إلى ثمرة الإيمان بقوله (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ) إيمانا صحيحا راسخا (يَهْدِ) الله (قَلْبَهُ) حتى يطمئن بأن ما يصيبه إنما هو بعلم الله ، وأنه يجازيه بالثواب والأجر على ما أصابه ، وإذا علم الإنسان أن ما أصابه من الضرر يتدارك بأضعاف الخير ، اطمأن قلبه ولم تصدمه المصيبة كثيرا (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فيجازي كل امرء بما عمل.