____________________________________
«الرضوان» على تسعة أميال من صنعاء (١) ، وقصة أصحاب الجنة كما رواها القمي عن ابن عباس : انه كان شيخ له جنة ، وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه ، فلما قبض الشيخ ورثه بنوه وكان له خمسة من البنين ، فحملت جنته في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملت قبل ذلك ، فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر فأشرفوا على ثمر ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم ، فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا ، وقال بعضهم لبعض : إن أبانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا نتعاقد عهدا فيما بيننا أن لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين «أي مسلمي زمانهم» في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر أموالنا ، ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة.
فرضي بذلك أربعة وسخط الخامس ، وهو الذي قال الله فيه «قال أوسطهم ألم أقل لكم لو لا تسبحون» .. فقال لهم أوسطهم اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا ، فبطشوا به وضربوه ضربا مبرحا ، فلما أيقن الأخ أنهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم غير طائع ، فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله أن يصرموا إذا أصبحوا ولم يقولوا «إن شاء الله» ، فابتلاهم الله بذلك الذنب ، وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه ، فأخبر عنهم في الكتاب فقال «إنا بلوناهم» إلى آخر القصة ـ كما يأتي ـ ولعل تشبيه كفار مكة بأولئك الأخوة من حيث إنهم كفروا نعمة الله سبحانه ،
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ص ٣٨٢.