بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (٨) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٩) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً
____________________________________
أشد من هؤلاء القوم (بَطْشاً) أي قوة ومنعة ، فلا يغتر هؤلاء المشركون بالقوة والعدة ، فإنها أمام إرادة الله سبحانه لا مجال لها (وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) أي قد سلف في القرآن أمثال أولئك الأقوام الذين أهلكناهم ، وقصصهم ، فقد سبق شباهة أولئك الكفار السابقين بهؤلاء الكفار من قومك.
[١٠] وإذ قدم بعض الكلام حول الرسالة والقرآن يأتي الكلام حول التوحيد (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي سألت هؤلاء الكفار يا رسول الله (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) هل هو الله أم الأصنام؟ لم يجدوا بدّا من الاعتراف بالحقيقة ، لأنهم لا يجدون سبيلا إلا القول بكون الخلق للأصنام ف (لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَ) والإتيان بضمير العاقل ، أما من جهة تغليب من فيها عليها ، أو لما قالوا من جواز الأمرين ـ من «هن» و «ها» في غير العاقل ـ (الْعَزِيزُ) الغالب في سلطانه (الْعَلِيمُ) بكل شيء فإن هذا الخلق المدهش لا يمكن إلا أن يكون من صنع قادر عالم ، والأصنام عاجزة جاهلة.
[١١] (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) أي محلا للسكنى ، فتستقرون فيها ـ وهذا من باب الالتفات المذكور في علم البلاغة ـ (وَجَعَلَ لَكُمْ) أيها البشر (فِيها) أي في الأرض (سُبُلاً) جمع سبيل وهو الطريق ،