لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢)
____________________________________
والبناء فوقها ، وتقضوا سائر مآربكم عليها.
[٢١] ثم أشار السياق إلى واحدة من النعم التي هيأها الله للإنسان على الأرض المنبسطة (لِتَسْلُكُوا) يقال سلك في الطريق إذا مشى فيه وسرى (مِنْها) أي من الأرض والمراد في بعض الأرض (سُبُلاً) أي طرقا ، جمع «سبيل» (فِجاجاً) «الفجاج» هي الطرق المتسعة المتفرقة ، واحدها «فج» يعني حتى تتمكنوا من السير في طرق الأرض المختلفة إلى حاجاتكم هنا وهنالك.
[٢٢] وبعد كل هذه التذكيرات والإلفات إلى هذه النعم العظام ، لم يستجب القوم لدعوة نوح عليهالسلام ، فتوجه نوح إلى ربه (قالَ نُوحٌ) : يا (رَبِّ إِنَّهُمْ) أي القوم (عَصَوْنِي) فلم يؤمنوا بك ، ولم يطيعوا أمري (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) أي اتبعوا كبراء قومهم الذين هم رأس الفساد ، فكلما ازدادوا مالا صرفوه في الشر وكلما ازدادوا ولدا حرفوه عن سنن الحق ، فمالهم وولدهم لا يزيدهم إلا خسارة وضررا ، مما يوجب كثرة عقوبتهم وزيادة عذابهم.
[٢٣] (وَمَكَرُوا) في قبال نوح (مَكْراً كُبَّاراً) أي كبيرا للغاية فإن إطفاء سنن الرسول يحتاج إلى التدابير الكثيرة ، وإلا فالناس بطبيعتهم الساذجة يتبعون الحق. وفاعل المكر إما الكبار المشار إليهم ب «من» أو المراد القوم ـ في الجملة ـ.