أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ
____________________________________
تزيين الكلام (أُغْرِقُوا) بالماء في الدنيا (فَأُدْخِلُوا ناراً) في الآخرة ، فقد عوقبوا بعقوبتين متضادتين (فَلَمْ يَجِدُوا) أولئك الكفار (لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غير الله سبحانه (أَنْصاراً) فلم يكن هناك من يمنع عنهم عذاب الله تعالى ، فقد ضل عنهم من كان يعدهم النصر.
[٢٧] (وَقالَ نُوحٌ) قبل أن يغرقوا ـ في دعائه عليهم ـ وإنما أخر ذلك عن الغرق ، في الكلام ، لتعجيل توصيل العقاب بالانحراف ، حتى كأنه انحراف وعقاب بلا فاصلة ، يا (رَبِّ لا تَذَرْ) أي لا تدع ولا تبق سالما (عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) أي أحدا يعمر الديار ، أو ينزل الدار ، بل عمم عقابك على جميعهم.
[٢٨] ثم بين عليهالسلام علة هذا الدعاء بقوله : (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) من نسل المؤمنين (وَلا يَلِدُوا) هم بأنفسهم (إِلَّا فاجِراً) يفجر ويعصي (كَفَّاراً) كثير الكفر ، يعني أن أولادهم فاسد والعقيدة والعمل ، فلا خير فيهم ، وقد علم نوح عليهالسلام ذلك من طريق الوحي.
[٢٩] يا (رَبِّ اغْفِرْ لِي) وقد سبق أن استغفار الأنبياء والأئمة لما يصدر منهم من المباحات الضرورية ، فإنهم يرون ذلك خلافا للأدب أمام الله الملك العظيم ، كما أن من مدّ رجله ـ لمرض أو نحوه ـ أمام الملك رآه سوء أدب وإن كان مضطرا إليه ، واعتذر من فعله ذلك (وَلِوالِدَيَ)