قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣)
____________________________________
[٢] (قُلْ) يا رسول الله للناس (أُوحِيَ إِلَيَ) والوحي هو الإلهام إلى الرسول من قبله سبحانه بواسطة ملك أو إلقاء في القلب بلا واسطة ، ويستعمل أيضا بمعنى مطلق الإلهام ، كقوله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) (١) وقوله (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى) (٢) (أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) أي استمع إلى القرآن طائفة من الجن ـ فإن نفر بمعنى الطائفة ـ والجن مخلوقة من النار رقاق الأجسام كالهواء ، ولها أن تتشكل في أبدان غليظة كأبدان الإنسان (فَقالُوا) بعضهم لبعض (إِنَّا سَمِعْنا) من الرسول (قُرْآناً عَجَباً) أي ما يدعو إلى التعجب ، لأنه بأسلوب غريب في لفظه ومعناه ، وقد سبقت قصتهم في سورة الأحقاف.
[٣] (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) أي يدل على الهدى الذي من سلكه رشد (فَآمَنَّا) نحن الجن (بِهِ) أي بذلك القرآن (وَلَنْ نُشْرِكَ) بعد سماع القرآن (بِرَبِّنا أَحَداً) أي لم نجعل له شريكا.
[٤] (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) «الجد» هو الحظ ، والمراد به هنا العظمة ، أي تعالت وارتفعت عظمته ، من أن يكون له شريك أو زوجة أو أولاد (مَا اتَّخَذَ) أي لم يتخذ الله سبحانه (صاحِبَةً) أي زوجة (وَلا وَلَداً) فقد كان بعض الكفار يقولون أنه سبحانه اتخذ زوجة من الجن ، كما قال
__________________
(١) النحل : ٦٩.
(٢) القصص : ٨.