وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧) نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠)
____________________________________
أي يتركون (وَراءَهُمْ) في مستقبلهم (يَوْماً ثَقِيلاً) هو يوم القيامة الذي يثقل على الإنسان لما فيه من الأهوال والشدائد ، فلا يعملون لذلك اليوم.
[٢٩] إنهم يكفرون بالله الذي خلقهم وأعناقهم بيده (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ) من العدم (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) أي أحكمنا خلقهم ، بتنظيم الأجهزة ، فإن «الأسر» أصله الشد ، ومنه سمي الأسير أسيرا ، لأنه يشد بالحبال ، فالمعنى أحكمنا شدهم في الخلقة ، بحيث لا ينفصم جزء من جزء ، بل الأجزاء كلها متماسكة مترابطة (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ) مكانهم (تَبْدِيلاً) بأن أهلكنا هؤلاء وجئنا بدلهم مكانهم.
[٣٠] (إِنَّ هذِهِ) السورة ، أو هذه العظات والعبر المذكورة في القرآن (تَذْكِرَةٌ) تذكر الناس بما أودع في فطرتهم ، وإلفات لهم نحو الكون وآياته (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي مضى في طريق مرضاته سبحانه ، بعد ما رأى الحق ، وميّز بين الصدق والكذب.
[٣١] (وَما تَشاؤُنَ) أنتم أيها البشر الإيمان والهداية ، (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) بأن يرسل الرسول ويوضح الطريق ، إذ الهداية لها طرفان : طرف من جانبه بنصب الأدلة ، وطرف من جانبكم بالاتباع والاهتداء (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بمصالحكم (حَكِيماً) فيما يفعل ، فإن الحكمة وضع