لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)
____________________________________
[٢] (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) والمراد به مكة ، و «لا» إما للنفي جيء بها للتلويح إلى القسم مع تعظيم المقسم به ، وإما زائدة ، فالمعنى أقسم بهذا البلد ، والآية الثانية تناسب الأمرين باعتبارين.
[٣] (وَأَنْتَ) يا رسول الله (حِلٌ) أي مقيم قد حللت (بِهذَا الْبَلَدِ) فإنه قد تشرف بك ، فإن شرف المنزل بشرف النازل ، و «الحل» بمعنى الحال ، وكلاهما بمعنى الساكن ، فهذا البلد إنما يقسم به لشرفه بك أو يعظم فلا يقسم به لشرفه بك.
[٤] (وَ) قسما ب (والِدٍ وَما وَلَدَ) أي كل والد وكل ولد ، أو المراد آدم عليهالسلام وأولاده ، فإن كل خلق الله عظيم يصح أن يجعل في معرض القسم. نعم ليس لنا أن نحلف بكل شيء ، لما ورد من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت» (١).
[٥] وجواب القسم قوله : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) أي في تعب ومشقة ، فإنه يكابد الشدائد والمصائب والمتاعب ، فإن «الكبد» لغة بمعنى شدة الأمر ، والمعنى أنه لا يزال يكابد الأتعاب ـ بما قدر الله له وللكون من الأنظمة ـ ولذا قال تعالى في حديث قدسي «إني ما جعلت الراحة في الدنيا والناس يطلبونها فيها فلا يجدوها».
[٦] إن الإنسان الذي خلق في عناء ومشقة ، ليدل ذلك على ضعفه وعجزه إذا رأى بعض القوة في ذاته عتا وتكبر وزعم أنه لا قادر عليه
__________________
(١) متشابه القرآن ومختلفه : ج ٢ ص ١٩٨.